يعيش الانسان في عالم يحوي العديد من الظواهر التي يجهل ماهيتها وحقيقتها فتعترض حياته صعوبات وعراقيل جمة منها ما يطرح مشكلات ومنها ما يطرح اشكاليات تدعو الى البحث والتحري وتحصل اجابات مقنعة , فتجده يتخذ العديد من السبل قصد اماطة اللبس وازاحة الغموض عن تلك القضايا بغية التكيف مع واقعه لكن يبقى الكثير من تلك الاجابات التي حصلها الانسان مبهمة وغامضة فما هو الفرق بين المشكلة والاشكالية ؟ وما طبيعة العلاقة بينهما ؟

         اذا كانت المشكلة هي القضية المبهمة غير واضحة الحل او هي صعوبة مؤقتة تتطلب جوابا مقنعا او كما يعرفها جميل طيبا < انها مترادفة للمسالة التي يطلب حلها بإحدى الطرق العقلية او العملية > فان الاشكالية هي معضلة دائمة مستمرة في هذا الوجود وليست لها اجابات مقنعة او محددة ويعرفها اندريه لا لاند :< هي المشكلة الفلسفية التي تثير نتائجها الشكوك وتتسع مسائلها ويصعب الاقرار بها او بحكم على امر ما سواء بالنفي او الاثبات او هما معا > اذا فالفرق كما يرى محمد عابد الحائري يتلخص في كون المشكلة يمكن التوصل الى حل يلغيها او التخلص منها كما هو الشأن في مشاكل الحساب مثلا اما الاشكالية فهي النظرية التي لم تتوفر امكانية صياغتها وحلها ثم ان المشكلة هي قضية جزئية في هذا الوجود بينما الاشكالية فهي قضية عامة وكلية وبالتالي فهي اعمق من المشكلة واشد تعقيدا منها اذ تبدو المشكلة سطحية بسيطة مقارنة بالإشكالية , واذا كانت المشكلة اضطراب معرفي مصدرة الدهشة التي حركها التقدم في السؤال بحيث تأخذ الصعوبات في الظهور وتشتد فتصل الى غاياتها بالنظر الى طبيعة المجال الذي تنبثق منه والى حجم وقوة الانفعال الذي تثيره فيعلق بين الاثبات تارة والنفي تارة اخرى .

     والدهشة هنا هي التي تولد الفضول لا الشرود فهي تحرك الفكر لا تشله في البحث عن الحقيقة كما وصفها ديكارت في كتابه .......وبقدر ادراك العقبات التي تطرحها المشكلة الفلسفية يكون اندفاع الفضول نحو الكشف عن مصدر الانفراج والتخفيف من الجهل يقول كارل ياس بيرس : > يدفعني الاندهاش الى المعرفة فيشعرني بجهلي <اما الاشكالية فهي اضطراب مصدره الاحراج العقلي ثم ان المشكلة مجالها ضيق مغلق يتناول عناصر الواقع الطبيعي في حين ان الاشكالية واسعة على هذا الوجود بل تتجاوزه اي انها تتناول الوجود الطبيعي والميتافيزيقي .

     بالرغم من وجود اوجه اختلاف او تباين بين كل من المشكلة والاشكالية الا ان هناك العديد من النقاط التي تلتقيان فيها فكلاهما استفهام يعبر عن جهل الانسان وفضوله الدائم نحو معرفة الحقيقة كما ان كل منهما يعبر عن لحظة ضعف وغموض والتباس وقصور في وسائلنا المعرفية اضافة ان كلاهما نابع من القلق والاثارة تجاه ظاهرة ما ويعبران عن يقظة العقل ونشاطه وسعيه .......للاكتساب اليقيني .

      ان طبيعة العلاقة بين المشكلة والاشكالية هي علاقة الجزء بالكل فالإشكالية تتسع لكل المشكلات ( الاخلاق , المنطق ,....) ومن حيث الواقع فان المشكلات اذا تفاقمت وارتقت في الطرح تصبح اشكاليات اذا فهناك تداخل وطيد بينهما .

          نستنتج مما سبق ان الاشكالية هي الكل والمشكلة هي مجموعة الاجزاء المعبرة عنها كعلاقة المجموعة بعناصرها اي ان العلاقة بينهما هي علاقة تضمن .


تم عمل هذا الموقع بواسطة